أرشيف

سوق السيلة بعدن تماسيح تلتهم الإنسان والمكان واستماتة تتحدى الموت

سوق السيلة الشعبي بعدن الذي لجأ اليه الكثير من البؤساء والبسطاء وأقاموا فيها أكشاكاًعلها تقيهم ذل السؤال.. ولكن جحافل النهب والفود الدخيلة على عدن اغتالت هذه الأحلام البسيطة وخنقت أصحابها بالمرارة والأسى.. لم يرق لهذه الجحافل الواردة أن ترى الناس تقتات من عرقها حتى وإن كان في ركن قصي من عدن فهم يريدون أن يتفودوا كل عدن ولذا فقد اصطنعوا الحيل وأرتكبوا الجرائم بحق هؤلاء المساكين بدءاً من مطالبتهم بالرحيل ثم بالاحراق الجزئي والذي تكرر مرات عدة وانتهى بالحرائق الكبرى الثلاث التي التهمت السوق وحولته إلى رماد تذروه الرياح..
المستقلة زارت السوق وبمعية النائب أحمد سيف حاشد صاحب الامتياز والتقت بالمنكوبين الذين أفادوا أن ما جرى ويجري في سوقهم وراءه نافذون يسعون للبسط على السوق وتحويله إلى ملكية خاصة بهم وتساءل الباعة الباسطون عن سر غياب دور السلطات الرسمية وعن التعويضات التي وعدهم بها نائب الرئيس وغيره من المسؤولين. وفي هذا التحقيق يروي بعض المنتفعين شطراً من مأساتهم .
تورط رسمي
منتفعو السوق قالوا أنهم يشكون في تورط جهات الاختصاص فيما جرى وأن شكهم ناتج عن اهمال وتواطؤ هذه الجهات التي لم تقم بإتخاذ الإجراءت القانونية للكشف عن مشعلي الحرائق ومنفذي الجريمة، وإحالتهم للمحاكمة، ويضيف المنتفعون أنهم يستغربون من عدم قيام الجهات الرسمية بحماية ما تبقى من ممتلكاتهم بعد الحريق بل تم سرقة البضاعة التي لم تلتهمها نيران الحريق وشحنها على متن سيارات من قبل مفتعلي الحريق الذين كانوا مستعدين بكل عدتهم وعتادهم ويتحينوا الفرصة لارتكاب جريمتهم وتنفيذ مخططهم وهذا ماحدث في الحريقين الأول والثاني، الذي صادر أماني بؤساء سوق السيلة الشعبي بعدن وأنهى كل آمالهم.
أسماك القرش البرية وتماسيح النهب والابتلاع، لم تترك مكاناً في عدن إلاّ وابتلعته وفيها سوق البسطاء.. هذا وقد أكد منتفعو السوق أن الحريق الثالث لم يختلف عن سابقيه سوى بظهور تاجر يدعى (البعسي) منعهم من مزاولة عملهم وأحضر الجنود لغرض الاعتداء عليهم وإخلاء الجو للبسط على (أماكنهم).
وآخر الاعتداءات كان عند نزول (المستقلة) لإجراء التحقيق بمعية القاضي أحمد سف حاشد- عضو مجلس النواب ورئيس منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات حيث قام الجنود بالاعتداء والتهجم عليهم بوحشية مفرطة وقد أصيب أحدهم في أنفه اصابة بليغة فسالت الدماء منه وتم ضرب الآخرين واقتيادهم إلى السجن بصورة عدائية وهمينة، واطلاق صراح المعتدين.
سجن وضرب ومليونين خسارة
الشاب إياد محمد حيدر الوصابي تحدث إلينا بمرارة قائلا: أخذني أفراد الطقم من الشارع وضربوني وأدخلوني السجن4 ساعات دون التحقيق معي ودون أن أرتكب جريمة سوى كونهم يعرفون أني أعمل في السوق.
وأضاف إياد :لم أجد عملاً في أي مكان آخر وعملت مع أخوتي بالأجر اليومي في بيع جلابيات نسائية وهم اليوم ضحايا الحريق وتبلغ خسارتهم مليوني ريال .
أتاوات لم تشفع ..!!
على الرغم من تواجد محصلين تكلفهم الجهات المختصة بتحصيل مبالغ ماليةعلى جميع منتفعي سوق السيلة الشعبي الذين يتجاوز عددهم 230 منتفعاً ويتم تحصيل مبلغ عشرة آلاف ريال من كل فرد منهم، لكنهم عندما تعرضوا للكارثة تنكرت لهم تلك الجهات، وتركتهم يكتوون بالنار لوحدهم.
ولا أحد يدري أين ذهبت المبالغ المحصلة من قبل الجهات ذاتها والتي كانت تتعدى في الشهر الواحد مبلغ الـمليونين وثلاثمائة ألف ريال؟!.
المقطري.. نكبة الضمار والأولاد
أقترض مبلغاً من المال واستحدث كشكاً بسوق السيلة بكلفة مليوني ريال.. قاسم المقطري بلغ من العمر عتياً ويعاني من مرض السكر والضغط ولديه خمسة أولاد جميعهم لديهم مؤهلات دراسية لكنهم لم يحصلوا على وظائف لأن الوظيفة لا تعترف إلاّ بأصحاب الوساطات أو رؤوس الأموال.. وما دام والحال كذلك فقد حشروا جميعاً في العمل بهذا الكشك حتى يأتي الفرج.. ورضوا بالحزن لكن الحزن لم يرض بهم فقد داهم الحريق محلهم والتهم كل ما فيه وحوله إلى رماد وركام متفحم.
وأنتقلت أسرة بكاملها إلى رصيف البطالة فغاب الحاضر عنهم وتاه المستقبل.
سوق السيلة يعج بالمآسي وفي المقابل أيضاً بصور كثيرة من صور الاصرار والتحدي وخلق حياة من ممات.. فبعد كل مصيبة تجد هؤلاء البساطين يصنعون الأمل من جديد ويستدينون ويبدأون العمل.
متضررون بالعشرات.. وخسائر بالملايين
< على سعيد الدبعي صاحب كشكين بسوق السيلة التهمتهما النيران وتقدر تكلفتهما بـــ 4 ملايين ريال فيما لازالت على كاهله 6 ملايين ريال ديون نتيجة الحرائق السابقة . > الدبعي يعمل في البيع والشراء منذ 8 أعوام ويمتلك كشكا أعلى السوق إلا أن المختصين طلبوا منه نقل مكانه إلى أسفل السوق فكانت كارثة السيول الأولى ثم تتالت عليه الحرائق الثلاث.
< المواطن عبده أحمد يحيى هو الآخر ضمن المتضررين من السيول والحرائق ويعيل أسرة قوامها 12 فرداًً ويمتلك إخوته إلى جانبه 6 محلات كل محل يعيل أسرة وتقدر خسارتهم بـ12 مليون ريال. > الحاج هائل عبدالله عثمان فقد نتيجة الحريق ضماره الذي يقدر بـ مائة ألف ريال.
< الشاب زين العابدين قائد 19 عاما يعمل في بسطة إلى جانب محل والده لكي ينفق من ريعها على دراسته لكن النيران لم تكن أرحم به من والده والتهمت مايقارب الخمسة ملايين ريال. > الشاب إبراهيم بدر أقدم على شراء 4 مكائن خياطة وعمل بسطة وكشك طيلة عمله في البيع والشراء فخسر مبلغ يقدر بـ3 ملايين ريال.
< فؤاد محمد أحمد يمتلك 6 أكشاك هو وأخوته بلغت تكلفتها 15 مليون ريال وجميعها أصبحت شيء من الماضي. > الشاب محمد الخادم وأخوته الثلاثة فقدوا أكشاكهم التي تقدر تكلفتها بــ 4 ملايين ريال.
< عباس أحمد سليمان صاحب كشك خسر مليونين وخمسمائة ألف ريال. > صدام عبده أحمد صاحب محل أفقده الحريق خمسة ملايين ريال إلى جانب مبالغ أخرى تمت سرقتها.

زر الذهاب إلى الأعلى